Desiring Godمقالات

القلق: أهو خطية أم اضطراب أم كلاهما؟

القلق: أهو خطية أم اضطراب أم كلاهما؟

تصِلنا أسئلة ورسائل إلكترونية كثيرة عن اضطرابات القلق واضطرابات نقص الانتباه ADD/ADHD. طرح أحد المستمعين سؤالًا، هل هي اضطرابات فحسب، أم أنها خطية؟ هل تقتصر على كونها اضطرابات أم تقتصر على أنها خطية، أم أنها كلاهما؟ على مرّ السنين بصفتك قسّيسًا، كيف عالجت هذه الأسئلة عن نوبات الفزع والهلع والقلق واضطراب نقص الانتباه؟

حسنًا، فيما كنتُ أحاول التفكير فيهم –وهكذا قد فعلت على مرّ السنين– وجدت أنهم مشاكل مختلفة تمامًا. لذا دعني أفصل بينهم، ورُبّما يمكننا مناقشة اضطراب نقص الانتباه ADD في الحلقة الخاصة به، ولكن في ما يتعلّق بالقلق، فإن الإجابة هي نعم. يأمرنا بولس ويسوع صراحةً ألّا نشعر بالقلق، من ثَمَّ فإن القلق خطيةٌ. يقول يسوع: “لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ.” (متّى 6: 25). ثم يقدِّم ثمانية أسبابٍ في ذلك المقطع من إنجيل متّى 6، لماذا ليس لزامًا علينا أن نقلق ولماذا يجب ألّا نشعر بالقلق – “فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.” (متّى 6: 34) . أو متى 10: 19: “فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ،” أيضًا يقول بولس في فيلبي 4: 6: “لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.”

الاتكال على الله

لذا، نعم، الهمّ أو القلق خطية. إن الله يريدنا أن نثق برعايته ذات السيادة والحكيمة والصالحة، والتي تقدِّم كل المعونة والحماية والمساندة دائمًا. فالمسألة مسألة ثقة. ويريدنا أن تكون ثقتنا به عميقة؛ حتّى إن الموت ذاته لا يكون التهديد النهائي؛ إذ لا يقدر الموت أن يفصلنا عن محبة الله أو أن يسلبنا فرحنا. لذلك فإن النقيض الإلهي للقلق هو السلام والرضا المتجذّران في الثقة بوعود الله. إنها خبرة سرّ بولس. في فيلبي 4: 11 “فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ.” هذا هو نقيض القلق. “أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ” – ولا أقلق من وقت العَوَز. “وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ.” – في أي وكلّ الظروف. “قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ،” – قد يعني الجوع أنني لا أعرف من أين تأتي وجبتي التالية – “وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ.” (فيلبي 4: 12). لا أعرف هل ستُلبَّى احتياجاتي أم لا. يقول بولس، لقد تعلَّمت سرًّا: “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي.” (فيلبي 4: 13) فالتحدِّي العظيم أمامنا جميعًا هو أن نثق بالله أكثر فأكثر، لأن كلَّنا قَلِقون، يا توني.

أرجو ألّا يسمعني الشخص الذي طرح هذا السؤال وأنا أقول: “نعم ، إنها خطية”، ويُجيب: “حسنًا، شكرًا. هذا لم يُجدي نفعًا.” بلى، إنها مساعدة مُجدِية، لأنني أتوحّد معك فيها. لأنه ما من إنسان على هذا الكوكب لا يصارع القلقَ إلّا يسوع. فإيماننا كلُّنا يشوبه النقص. إن كُنَّا كاملين في إيماننا، لكُنّا خالين من القلق. وكلّما نضجنا في الإيمان، أصبحنا أكثر حريةً من القلق.

لكنّني أعتقد أنه ما من شخص في هذه الحياة، عندما يواجه تهديدًا جديدًا، أو خطرًا جديدًا، أو بعض الصعوبات الجديدة، لا يعتريه القلق فجأة في حياته، وهكذا كما يقول المزمور  56: 3 “فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ.” إذن فهذه الصفقة مستمرة ونحن نتعامل مع ما تبقّى في قلوبنا من فساد وعدم إيمان.

روحي وجسدي

الآن بعد أن قلنا ذلك، نحن جميعًا ننتمي إلى نفس الفريق، فنحن جميعًا نحاول أن ننمو إلى إيمان أعظم ويقلّ قلقنا، بعد أن قلنا ذلك، صحيح أن هناك حالات نفسية جسدية تجعل من القلق الشديد ونوبات الذعر والهلع مثال -الرُّهاب [الخوف أو الهلع المَرَضي] الذي لا يمكن السيطرة عليه- مشكلةً حقيقية في الحياة. إذن، نشترك جميعًا في هذه الأمور مع اختلاف طفيف، لكنّي أريد أن أعترف للبعض في هذه الحالات غير العادية، يحتاج المؤمن إلى مشورة حكيمة جدًّا من أولئك الذين يعرفونه حقّ المعرفة والذين يعرفون تلك الظروف الجسدية والنفسية حقّ المعرفة.

ها هي الصورة الكبرى. يعتمد الدماغ الجسدي والنفس الروحية كلاهما على الآخر بطرق لا يمكننا رؤيتها رؤية كاملة. هذا يعني أن هناك -وستكون هناك دائمًا- استراتيجيات جسدية بالإضافة إلى استراتيجيات روحية للتعامل مع ظروف روحنا. هذا تصريح خطير. قد نرغب في الحديث أكثر عن ذلك لاحقًا. ستكون هناك دائمًا أشياء جسدية تفعلها وأشياء روحية تسعى إليها وتفعلها في التعامل مع حالة الروح. ماذا نأكل ونشرب وكيف ننام ونمارس الرياضة، وكيف نتعامل مع الطقس الذي نعيش فيه، كأنْ يخيّم الظلام في فبراير؟ هل ستشرق الشمس يومًا ما؟ هل سترتفع درجة الحرارة فوق الصفر؟ الإضاءة التي لدينا في العمل، والأصوات المحيطة بنا –تغريد طائر مقابل طنين طريق سريع- تؤثِّر كل هذه الأشياء في حالتنا النفسية والروحية، مما يعني ببساطة أنه قد تكون هناك حالات شديدة تتطلّب جهودًا بدنية إضافية، بما في ذلك تناول الأدوية، التي توفّر نوعًا من التوازن حيث يمكن للاستراتيجيات الأكثر طبيعية أن تؤتي ثمارها المرجوّة.

بعبارة أخرى، قد يقود الدواءُ الشخصَ إلى النقطة التي يمكنه فيها الاستفادة بفعالية أكثر من الاستراتيجيات الطبيعية التي منحها الله، ورُبّما يمكننا لاحقًا الحديث عن كيفية عمل هذه الاستراتيجيات. لديّ أفكار عن كيفية تقديس هذه الاستراتيجيات الطبيعية. لكن في الوقت الحالي أريد فقط أن أؤكّد أنه، نعم، يجب ألّا نشعر بالقلق. ونعم، نحن جميعًا قَلِقون. ونعم، لقد أمدّنا الله بموارد رائعة من جهة روحية في وعوده، ومن جهة جسدية بخطوات مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم لأجل الحصول على الموارد التي يقدِّمها لنكون مُطمئنّين.

تم ترجمة هذا المقال بالتعاون مع هيئة
Desiring God

يمكنك قراءة المقال باللغة الإنجليزية من هذا الرابط
https://www.desiringgod.org/interviews/anxiety-sin-disorder-or-both

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى