Desiring Godمقالات

العثور على الرجاء في خطة الله المُعلنة

(موضوع هذا المقال هو الحلقة الأخيرة من سلسلة برنامج الأربعاء للقس/ جون بايبر بعنوان “تطبيق العناية الإلهية في حياتنا الواقعية”)

 “اليوم نختتم سلسلة يوم الأربعاء عن “تطبيق العناية الإلهية في حياتنا الواقعية” وهو موضوع كتاب القس/ جون بايبر بعنوان “العناية الإلهية”، حقيقة أن الله يتحكَّم بكل شيء خلقه، هي حقيقة  مجيدة، وعندما نفهم ذلك ونتقبَّله كحقيقة مجيدة، فإن هذه العقيدة ستصنع تأثيرًا عميقًا ومحددًا في الطريقة التي نعيش بها حياتنا.

 لذلك نحتفل بتطبيق ذلك في حياتنا في سلسة يوم الأربعاء، هنا على “بودكاست” للمرة الأخيرة.. في الحلقة رقم 1598، تأملنا كيف تعطينا عناية الله الثقة لنعرف الهدف من حياتنا ونعيش لأجل هذا الهدف، كان هذا في الحلقة رقم 9،  والآن مع التطبيق الآخير، رقم 10 مع القس/ جون بايبر)

بمناسبة الحديث هنا في هذه المحاضرة الأخيرة عن العناية الإلهية، سنركز على الهدف النهائي المطلق من كل شيء، ما الذي يتجه نحوه التدبير الإلهي منذ الأزل وعلى مدار التاريخ؟

أود أن أقول عن التدبير العاشر والأخير، والأعظم تأثيرًا بشكل عملي في حياتنا الواقعية عندما نرى ونتذوق كل تدابير عناية الله الشاملة: إنها تجعلنا مطمئنين عند مواجهة الحياة بكل مغرياتها وصعوباتها، وعند مواجهة آخِر شيء –الموت والأبدية- في الأبدية أشواق الله للمجد وأشواقنا للرضا لن تكون مبنية على الاحتمالات، بل في الحقيقة مبنية على التصميم المجيد لتدبيرات الله، سيتمجد الله للأبد من خلال رضانا التام فيه. بالنسبة لي، لا شيء أعظم من هذا يمكنني قوله لك عن التدبير الإلهي.

“لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أفسس 2: 7) هذا التعبير الذي يستخدمه بولس ينطبق علينا للأبد، الله سيزداد مجدًا فينا كلما زدنا نحن رضا فيه، كلما فاض علينا بسخاء بهذا الغنى الذي لا يقاس أو ينضب أو يتوقف لأبد الآبدين.

هذا هو الهدف المطلق للعناية الإلهية، العناية الإلهية ترى أن هذا الهدف سوف يتحقق، ويمكننا أن نكون متأكدين من ذلك، وننسب كل هذا المجد إلى عناية الله.

جمال العروس

الآن، أعرف أن بعض الذين يسمعون وصفي عن الغاية المطلقة للعناية الإلهية سيقولون: “هذه خبرة شخصية جدًا وفردية، وليست مناسبة لمجموعة ويصعب تعميمها لكل الناس”. حسنًا، أتفَّهم ذلك، دعوني أصيغ ذلك بطريقة أخرى تعبِّر عن نفس الغاية، دون أن تتعارض مع أي شيء مما ذكرت، أو التقليل من حلاوة الاختبار الفردي بمسرة الرب بنا ومسرتنا فيه، لا أريد التقليل من ذلك، لكن دعوني أقولها من وجهة نظر أخرى، لنرى إذا كان من الممكن مساعدة هؤلاء الذين يبعئون بأمر هذا الاختبار على مستوى المجموعة، أو على المستوى العالمي أيضًا، وفي جميع الأحوال، لن أقلل من هذا أو ذاك.

يقول بولس في رسالة أفسس “أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ” (أفسس 5: 25-27).

من الإنصاف أن نقول إذن، أحد الأهداف العظيمة (يمكنك حتى تضمين هذا في الهدف الأسمى للعناية الإلهية) هو أن الله -بموت ابنه- سيخلق ويطِّهر ويجمِّل ويقدِّم لابنه عروسًا رائعةً مذهلةً هي، الكنيسة – ليس فقط جون بايبر كفرد- ولكن الكنيسة ككل، هذا لا يتعلق فقط بالأفراد، بل هو حقيقة مؤسسية: مجموعة أفراد مسيحيون يصنعون معًا شيئًا جديدًا -عروسًا بمجموعة من البشر- عروسًا جميلة، رائعة، خالية من اللَّوم ليسوع المسيح ليُسرّْ بها إلى الأبد.

لكنني أتساءل، ما هو جمالها؟ ما هي مرحلة التجميل التي مرَّت بها؟ يجاوبنا بولس في رسالته لأهل أفسس أن جمالها في طُهرها، في قداستها، وما هي قداسة العروس؟ في مسرَّتها بطاعة كلمة الرب، بل بالحري محبتها لله من كل القلب والعقل والنفس والقدرة، هذا الحب الذي يفيض فيها لتمجد الله وتحب الآخرين، هذا الحب هو مسرَّتها بالرب وانعكاس لمحبة الرب فيها.

بتعبير أشمل، الهدف الأسمى من التدبير الإلهي هو تمجيد نعمته من خلال الجمال الروحي والأخلاقي لعروس المسيح غير المستحقة، المشتراه بدمه، لتبتهج وتعكس وتعظِّم قدرته وجماله فوق كل شيء.

بُعد جديد للمجد

حتى هذا التعبير الأشمل لهدف الله الأسمى يحتاج لمدى أكبر لكي يشمل كل الأبعاد الكتابية، لنتأكد من استمرارية الفرح الدائم للعروس بغنى مجد العريس يسوع المسيح الذي لا ينتهي، لأن هذا سيكون جوهر تمجيد الله في الأزمنة القادمة، نعم، أؤمن بذلك، لكن هذا الجوهر ليس كل شيء، لأن الكيفية التي يتمجد بها الله لا تنتهي بالفرح الذي ستناله العروس في اتحادها بالعريس فقط.

بل، سوف تنال العروس خليقة جديدة، نحن نتعامل مع موضوع يشمل كل العالم في هذه النقطة، وهذا ليس شيئًا عرضيًا، لا، ليس كذلك، في الخليقة الجديدة، سترى العروس أبعادًا لمجد الله لم ترها من قبل:

  • ستكون السماء في فرح “لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَتَبْتَهِجِ الأَرْضُ وَيَقُولُوا فِي الأُمَمِ: الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ” (1 أخبار الأيام 16: 31)، “لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ” (مزمور 69: 11).
  • الشمس والقمر والنجوم ستمجِّد الله “سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ” (مزمور 148: 3).
  • ستبتهج الأرض “لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ، وَلْتَبْتَهِجِ الْبَرِّيَّةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا” (1 أخبار الأيام 16: 32)، “لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ” (مزمور 96: 11).
  • بحرٌ جديد يشدو بالحمد “لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ، وَلْتَبْتَهِجِ الْبَرِّيَّةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا” (1 أخبار الأيام 16: 32)، “اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ” (مزمور 97: 11).
  • الأنهار ستصفق بالأيدي “الأَنْهَارُ لِتُصَفِّقْ بِالأَيَادِي، الْجِبَالُ لِتُرَنِّمْ مَعًا” (مزمور 98: 8).
  • سترنم الجبال بالفرح “الأَنْهَارُ لِتُصَفِّقْ بِالأَيَادِي، الْجِبَالُ لِتُرَنِّمْ مَعًا” (مزمور 98: 8).
  • ستبتهج الحقول وكل ما فيها “لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ، وَلْتَبْتَهِجِ الْبَرِّيَّةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا” (1 أخبار الأيام 16: 32)، “لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ، لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْر” (مزمور 96: 12).
  • أشجار الغابات ستغني بالحمد “حِينَئِذٍ تَتَرَنَّمُ أَشْجَارُ الْوَعْرِ أَمَامَ الرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ” (1 أخبار الأيام 16: 33)، “لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ، لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْر” (مزمور 96: 12).
  • ستزهر الصحراء مثل الزعفران “تَفْرَحُ الْبَرِّيَّةُ وَالأَرْضُ الْيَابِسَةُ، وَيَبْتَهِجُ الْقَفْرُ وَيُزْهِرُ كَالنَّرْجِسِ” (إشعياء 35: 1).

العالم الجديد المخلوق سيتحرر ويصير كاملًا، ولن يتوقف أبدًا عن تمجيد الله، هذا ما سيكون عليه مسكننا، مسكن العروس مع المسيح العريس.

لكن المسكن ليس العائلة، والعالم الجديد ليس العلاقة، جمال العالم الجديد ليس في العروس، سيكون مشهد الخليقىة الكاملة مجيدًا ومشرقًا مع الله، ستكون التجربة الإنسانية في علاقة الإنسان مع الله من خلال المسيح، وسيكون  في مقدمة كل شيء تمجيد الله صاحب العناية الشاملة لكل البشر، والجمال الثمين الذي لا مثيل له  للحمل، الملك يسوع المسيح الذبيح، ستكون الأغنية الأبدية “قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«مُسْتَحِق هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!»” (الرؤيا 5: 12) سوف نغني عند الأنهار وفوق الجبال والبحار والصحاري المزدهرة، سنغني لأجل العريس، وسيكون فرح العروس هو الصدى الرئيسي لإمتياز المسيح  والله، والتركيز على مسرته الأبدية.

إتحاد للأبد

من خلال هذا الكتاب، “العناية الإلهية” ستتبَّع مثل الخيط اللامع موضوع العناية الإلهية، ستدرك أن الله صمَّم العالم ونفذ تدبيره الإلهي، لكي يكون مجده في خلاصنا وفرحنا برؤيته متحدين للأبد، وليس مختلفين، لأن كل زيادة في أحدهما هي زيادة للآخر، عندما يُمجَّد الله في خلاصنا من خلال المسيح المذبوح للأبد وباستمرار.. سيزداد سرورنا مع كل مرة نتذوق فيها من مجده، وكلما زاد سرورنا بالرب، ستزداد مكانته أعظم وأعظم في هذا الكنز الذي ينعكس للآخرين من خلال مسَّرة شعبه.

إن العناية الإلهية الشاملة للجميع بدون توقف، ثمينة جدًا بالنسبة لنا بحسب ما نأمله لهذا اليوم القادم –الذي سيأتي حتمًا- ستمجد الله للأبد باستمرار كما سيزداد فينا الرضا به باستمرار “تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ” (مزمور 16: 11)، “ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ” (مزمور 57: 5)، أيها الرب تعال تعال.

بقلم/ جون بايبر

تم ترجمة هذا المقال بالتعاون مع هيئة
Desiring God

يمكنك قراءة هذا المقال باللغة الإنجليزية من خلال هذا اللينك

https://www.desiringgod.org/interviews/finding-hope-in-gods-unfolding-plan

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى